أتجاه معاكس

فى طريقى للعمل يوجد كوبرى علوى يسمى كوبرى عرابى يضطر سائق السيارة المخصصه لنقلى انا وزملائى للسير فى عكس الأتجاه بجوار الكوبرى حتى نستقبل مطلعه ، فلو سلك الطريق الصحيحة لكلفنا ذلك خمسة عشر دقيقة اضافيه نحن فى غنى عنها تماماً ويتكرر هذا يومياً بشكل تلقائى حتى انى لوقدت سيارة وذهبت بها للعمل يوماً فإنى سأسلك نفس الطريق المعاكس بدماء باردة

يومياً ولم يفكر السائق مطلقاً فى تصحيح مساره ، يومياً ولم اعترض انا او احد من الزملاء على هذا السلوك الخاطئ ، يومياً ولم نرى حتى نظرة استنكار واحده فى عين اياً من قائدى السيارات المقابلة لنا بل على العكس منهم من يفسح الطريق لنا من باب الجدعنه والتعاون والتفهم للظرف ، يومياً ولم يصادفنا اياً من رجال المرور ليمنعنا وينزل بالسائق اى نوع من انواع العقاب ، ولو فكر السائق ان يصحح مساره يوماً لرفضنا وهاجمناه .

أذكر وانا طالب فى المرحلة الإعدادية ( أكتوبر 84 الى يوليو 87) زاع سيط فقره تلفزيونيه إرشاديه كانت بعنوان لحظه من فضلك توضح بعض سلبيات المجتمع وتحثنا على تلافيها وكانت منهم فقره تهاجم كلمة ومنطق معلهش (أصل الكلمة ما عليه شئ) شعارها –لازم نحطم معلهش- وقد نجحت الحملة وتحطمت الكلمة تماماً ولكن فى الأتجاه المعاكس ايضاً ، تحطمت فى سبيل البجاحة فى سبيل أعتياد الخطأ حتى صار طبيعى بديهى -وعلى عينك يا تاجر- لا تلام عليه من اساسه حتى تضطر للتبرير والهروب من المسائلة او استجداء العطف بقولك معلهش ، فالمجتمع كله يسير فى الطريق المعاكس أزواج وزوجات ، اباء وامهات ، ابناء وبنات ، فى دور العلم والعمل ، فى الشارع والحكومه والدولة ، فى ارفع المستويات وادناها على حد سواء ، حتى بين كل فرد ونفسه نسير فى الإتجاه المعاكس حتى صار السائر فى الأتجاه الصحيح هو المعاكس